بيئات الثقافة

التحديات التي نواجهها اليوم، في منطقتنا وفي العالم، تبدو أكثر ترابطاً من أي وقت مضى. فنقصُ المياهِ قضية علمية بقدر كونها مسألة مجتمعية وسياسية. يعني هذا أن حل هذه المشكلات يتطلب تضافر خبرات عدة من العلوم الاجتماعية والطبيعية وغيرها. ولكن حتى من هذا المنظور، لا يُتاح دائماً المجالٌ للفنانات والفنانين والممارسين الثقافيين الانضمام إلى مساحات التفكير والإبداع الجماعية.

كيف يُمكن للخيال والممارسة الثقافية المساهمة في فهم هذه الحقائق المتشابكة وتغييرها؟ وكيف يمكن أن يبدو إشراك الفنانات والفنانين ضمن كوكبة المُفكرين/ات والفاعلين/ات الساعين/ات للتعامل مع التحديات العالمية المُلِّحة؟ هل سنستبصر فهماً جديداً لمشاكلنا وسُبُل العثور على حلول لها ينطلق من القدرة الإبداعية كجوهر الممارسة الثقافية؟

"بيئات الثقافة" برنامج جديد، يمتد على أربع سنوات، يشارك الاتحاد الأوروبي في تمويله ويديره الصندوق العربي للثقافة والفنون – آفاق بالشراكة مع "أوكسفام" و"ميغافون" و"إيكو الكتريك". يدعو البرنامجُ المتقدمين والمتقدمات له، من داخل وخارج مجالات الممارسة الفنية، للإجابة على هذا السؤال.

يهدف البرنامج إلى العثور على سُبُل نتطرق من خلالها إلى التحديات التي نواجهها، بدءاً من عدم المساواة الجندرية مروراً بالتغير المناخي ووصولاً إلى التحول الرقمي ولما أبعد من ذلك، ليس كقضايا معزولة، بل كأوساط لديناميات متشابكة تعزز بعضها الآخر وتنتج العوالم التي نقطنها.

دفعنا التفكير في البرنامج إلى محاولة تخيُّل الثقافات المتجذرة في المنطقة، المحلية أو الوطنية أو العابرة للحدود، كشُعَب مرجانية تمتد على مدى البصر. نعرف دائماً أن الشُعَب موجودة "بالأسفل"، لكن ما لم نغُص في رُكنٍ مُعيّن، فلن نتمكّن من معرفة ما يحدث بالضبط في عوالم تحت السطح المتنوعة وسريعة التغيُّر. كيف يمنح التيارُ الحياة؟ وكيف يهددها التلوث الناتج عن فندق جديد على الشاطئ؟ ماذا عن المياه سريعة السخونة؟ عندما تُهاجِر العوالق التي تبني الشُعَب لمياهٍ باردةٍ، هل تحمل معها ذاكرة الاحترار؟

تحوي البيئة شبكات علاقات مع المكان والذاكرة والتكنولوجيا والأرض واللغة والجماعة. إنها تنضح بالنشاط، هشٌة لكن متجددة، تتشكل بما يتحرك فيها وبما يهددها. لفهمها إذن، علينا تدقيق النظر محلياً.

تكمن سلسلة من الأسئلة في جوهر برنامج "بيئات الثقافة": كيف تسمح لنا الممارسات الثقافية والفنية بفهم أفضل لما يحدث في عوالمنا، في هذه "الشُعَب" المجهولة؟ هل بإمكانها المساعدة في خلق عوالم جديدة؟ هل بإمكانها أن تصبح ملتقى للعلماء والصحفيين والأنثروبولوجيين والفنانين والزراعيين للتفكير في هذه الترابطات الجديدة؟ هل يُمكن إعادة تخيُّل الثقافة كَبيئة؟ والأهم، كيف يُمكن للعوالم التي نخلقها والأعمال التي ننتجها أن تبقى في حركة دائمًة، بين الأماكن واللغات والشعوب، حتى إذا تقطعت السبل أو ضاقت الأرض؟

في إطار برنامج "بيئات الثقافة"، ندعوكم إلى الغوص في هذا المجاز، لنتخيل ونُشارك وندعم ونرعى مجددًا القوى والفاعلين والتفاعلات المتنوعة التي تبني بيئات الثقافة في منطقتنا.

سيدعم برنامج "بيئات الثقافة" نحو 58 مشروعاً في كل من الجزائر ومصر والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وسوريا وتونس من خلال ثلاث مسارات:

    تشكيل فضاءات إبداعية

    لدعم المشاريع الثقافية والفنية المُرتكِزة على المجتمعات المحلية والمساحات المشتركة.

    مختبرات إبداعية

    لتعزيز التجريب عبر القطاعات: الفنون والعلوم والتعليم والتكنولوجيا وغيرها.

    قوافل إبداعية

    لتوسيع نطاق المحتوى الثقافي من خلال التداول والجولات والنشر الإعلامي.



المحكّمون السابقون

لا يوجد اي محكَمون

مشاريع ذات صلة